profile

Arak | جُزاف

جُزاف 101 | سِياق

Published about 1 year ago • 1 min read

مرحباً،

أرجو أنك بخير، وإن كنت في الرياض فأمطار الربيع تُنعشك.

يُسمي أحدهم الرياض "العاصمة"، ويؤكد عليها في كل خبر عنها، هل يفهم مُتابعوه أنه لو لم يقل العاصمة لظنوه يقصد المنطقة كلها؟ لا أظن ذلك، لكن هذه الكلمة تُعبر عن شيء من نسيجه الاجتماعي وخلفيته المعرفية ورّبما عمره، أي والله لهذي الدرجة. كلمة واحدة تحكي عنك الكثير.

الكلمات مجرّدة من سياقاتها في القواميس والمعاجم فقط، "دلّة / ترمس / ثلاجة " كلها أسماء للأداة التي تحفظ القهوة العربية، لكن مجرد ما ينطق بها الفرد ستُخمّن نسيجه الاجتماعي -ما راح أقول لك، اتعبوا شوي p: - ، مثلها : "كوب / مَق / فلاسك " < الكلمة الأخيرة أشطح ما سمعته، تشي بتكلّف مستخدمها وأنّه لم يسبق له التعرف على سياقات هذه الأداة.

ذكرني ذلك بحادثة خلال المتوسطة، طلبت "هوت تشيكن" .. صححتني صديقة "سبايسي تشيكن" ، عُدت للبيت وبقلبي شرهة كبيرة على أهل بيتنا: كيف أقولها كل هالفترة ولا أحد صححني!

الأسبوع الماضي جرى حوار حول بعض الكلمات الواردة في جُزاف مثل ارجهنّ و اسفهلال ، وحدّثت صديقة عن "سباحين" ، نتفق ظاهرياً على بعض الجوانب، لكن يبدو أن المدّ اللغوي الاجتماعي مُختلف.

يقودني هذا- ونعم، هذه فقرة مُقحمة - لما تشي به اختيارات المترجمين عن مُدخلاتهم. بعض المُترجَمات تُخبر عن مُترجمها أنّه لم يدرس الترجمة بتاتاً، وبعضها أنّه فعلاً درس لكن لم يتجاوز المنهج، وقليل يشي أنّ المترجم مُحيطه ضيّق للغاية، أو أن محيطه مكتبته أو الشبكات الاجتماعية، أو أنّه مترجم واسع الاطّلاع والمعارف والعلاقات مُتضلّع بما يُترجم، وغيرها.

أهمية ذلك عندي أن نعرف مبدئياً مع من نتعامل، وكيف نتعامل معه بالطريقة المُناسبة وبالتوقعات السليمة إلى حد ما، وما الذي ينبغي علينا صرف النظر إليه أو عنه لأنّ الكلمة هذه أو تلك من سياق، لا يجوز اجتزاؤه إن أردنا حقيقةً ما.

بينما أكتب لك تذكرت "لندن"، سمعت سيّدة تتحدث عن بنتها أنها تدرس في لندن. لا، ليست في لندن .. في مدينة أخرى. تكرر منها ذلك، ليست تكذب لأن من حولها فهمها، ثم لحظت أنّ السيّدات في عُمرها وعند الحديث عن بريطانيا أياً ما كان الموضوع يقلن "لَندَن". استخدام "لندن" إذن يَشي بالفئة العُمرية، الفئة التي كانت من السعة الاجتماعية والمادية التي تجعلها تُصيّف في "لندن" وربما درست فيها، أو أنها "مثقفة" عتيقة، وهذا منذ 40 عاماً تقريباً.

وينستون تشرشل

شاهدت منذ فترة بعض الوثائقيات عن وينستون تشرشل -وزير حكومة بريطانيا العُظمى خلال الحرب العالمية الثانية وسياسي له صولاته وجولاته العادل منها والجائر في سبيل دولته-، استوقفني مشهد تمثيلي لخطاب ألقاه، سأل برلماني زميله مَذهولاً: "ما الذي حصل للتو؟" فردّ "احتشدت اللغة الإنجليزية وذهبت للحرب."

عُرف عن تشرشل خُطبه الرنّانة، بغض النظر عن دقتها، لديه عبارات بليغة مثل: "“I have nothing to offer but blood, toil, tears and sweat.” " .. وهنا خطابه الأوّل رئيساً للحكومة بصوته الحقيقي.

سبكه للعبارات يوحي بدهاء من أمّة يتضلّع خُطباؤها بلغتها، يوافقني على ذلك بورِس جونسون هنا p: .

المُفارقة أنّه بعد انتهاء الحرب، وانتهاء فترة رئاسته، وفي فترة الإعمار قدّمه نفسه للانتخابات، لكن لم يُنتخب، كان من التعليقات على ذلك "تشرشل يصلح وزيرا في الحرب، لا السِلم."

هذا موقعه الرسمي ، كل ما فيه رسمي وموثّق عنه، وهنا أشهر الاقتباسات عنه.

هذا،

وفتّك بعافية،

آراك

الرياض العاصمة p:

تصلك هذه الرسالة لاشتراكك ببريد جُزاف | مجازفة الكتابة أسبوعياً

Arak | جُزاف

Arak

أكتب لك بالرغم من جائحة كوفيد19 منذ رجب 1441 | مارس 2020 كل جمعة | (أيام الكورونا سابقاً)

Read more from Arak | جُزاف

مرحباً، أرجو أنّك بخير. رقم هذا الرسالة "113"، ولطالما كان رقم نحس في كثير من الثقافات. نحاسته أحياناً لسبب تاريخي، أو ديني أو حتى بسبب حدث مُعاصر. كأن لديهم استعداد نفسي للوم شيء = أن تُسقط عليه البلوى. بينما بحثت عن هذه الرقم، لفتني أنّه نحسٌ عند الثقافات، إنما محوري أو مهم في بعض العلوم. بحثي قاصر، لكن ما وجدته عجيب. يمكنك التعجّب مثلي لو بحثت : ) انتبهت بالأعوام الأخيرة إلى أن هناك مسافة بين علم الإنسان وما تحملُه نفسه، يظهر ذلك لي في التعامل مع ما يعتري النفس من مشاعر سِلبية بلا سبب واضح...

11 months ago • 1 min read

مرحباً، أرجو أنّك بخير، هدوء الليلة غريب، لكن أعتقد أنّي ارجهنّيت بعد شهرٍ تقريباً من الجري، أرجو أن لا أنظر ورائي وأُراني أجري على السير. قبل عام تقريباً كتبت لك دقيقة .. والآن أخبرك أنّي وجدت ثمرتها فعلاً، وتغيّرت بعض العادات أو تحسّنت أو عادت لعهدها، وبعض السيء ما زال على حلّه سيئاً، المهم أنّه لم يزدد سوءاً (كنت سأكتب: يسُوء لكن حيّرتني الهمزة مع الفعل المجزوم .. لكن لم أسمع بها، أو سمعت ونسيت، هل سمعت بها؟)، المهم في ذلك كلّه أنّي استطعت وضع يدي على أسباب بعض الجيد منها وغير الجيد، كفاية...

11 months ago • 1 min read

مرحباً، ارجو أنك بخير. في حوار مع صديقة رقمية، ذكرتني بمفهوم الرُّحل الرقميين Digital Nomads ، أحدهم كان يعرّف نفسه بأنه "مواطن رقمي" ، أي لا يستقر في بقعة جُغرافية وتواصله مع الآخرين عبر المنصات الرقمية، ويغلب عليه الارتحال اختياراً، وغالباً بلا سقف معيّن إذ يكون العيش في كرافانات أو بالتخييم - وهذا ما لا أفضّله طبعاً، هناك رُحّل رقميون يسافرون بالطائرات ويسكنون البيوت p: . يحضرني كارتون "أبطال الديجيتال"، وكأنّ أبطاله نحن وكم تخيلنا معهم المغامرات، قبلهم البوكيمون طبعاً، لم يكونا مجرّد...

about 1 year ago • 1 min read
Share this post