جُزاف 80 | عيب


مرحباً،

أرجو أنك بأفضل حال.

دخل الليلة عامنا الهجري الجديد، غفلت عنه لانشغالي لكن وكأنّه معلومة صادمة حين قرأت التقويم، ورسالة عامة من أحدهم حول مقالة لـ ا. أحمد العساف عن شعار العام الجديد. هل لك شعارات للمراحل والأعوام؟ أفضّل شعارات المرحلة، رأيتها الأنسب لي، ومما أتوكأ عليه -ولو كذباً p: - حتى أتجاوزها. حدثتك عن بعضها في ( أيّام الكورونا | 69 مغامرة ) .

هل نحقق فعلاً كل أهدافنا بالمثالية والكمال اللذين ننشدهما؟ الإجابة لا طبعاً، أتمثل العبارة الدارجة "كانت الفكرة براسه أحسن." طرح السؤال أساساً غير صحي إلا في حال قصدنابالمثالية والكمال المتاحين لنا؛ بالظروف والقدرات والإمكانيات، لمه؟ لأن هناك منطقة بين الكمال الخرافي والفوضى، وهي القصور الجبلّي. مهما ادعينا كمالاتنا، هذه الجِبلّة هي ما تجعلنا بشراً.

هناك كمالات مطلوبة في سياقات معيّنة، وهي ممكنة لكل أحد، لكن القصور هو المطلوب في أكثر السياقات، وحضور الكمال محلّه يشيء بشيء غير طبيعي. قرأت في فترة ماضية سيناريوهات كثيرة، أدبيات تحولت لسيناريو وهما فنان مختلفان ويكثر نشرها عند غير العرب، في أحدها تحاول فيه شخصية رئيسية أن تجد عيباً في أخرى حتى تستبعدها من فريقها، "كاملة بلا أدنى عيب، حتى الرواية التي تحبها لم أجد فيها عيباً لأقول أن ذوقها رديء فلا تصلح في فريقي." صُنفت الشخصية على أنها ما زالت تعاني من صدمة تعرضت لها في الطفولة لذلك تبحث عن الكمال في كل تفصيل، وكل من تكتشف عيبه هو أدنى منها خلقة. في سيناريو آخر كانت شخصية رئيسية تحاسب أخرى على أنها لم ترفع ببلاغ على أحدهم، فكان ردها "كلنا نقصر، وليست البطولة في فضح التقصير إنما في جبره، وهذا ما يفعله المُحسن."

أتأمل أحياناً المقبول والمرفوض في علاقاتنا مع الآخرين، والحب المشروط فيها وغير المشروط، بغض النظر عن عُلويّة يحكيه العرب عن الكمال في العلاقات وبعض الحقائق - أُحيل لجُزاف 79 | ثمانون - ، فليس كلّ الناس مقرّب وما كلهم يُستعدى، لكن هل الأمر يقوم على تنازلات متبادلة لانعدام الكمالات-وهذه يعتريها نوع من التفضل-؟ وأين محلّ تفهم لجبلّة القصور واتساقه مع طبيعة الإنسان؟ كل هذا يفسر تعاملنا مع ذواتنا.

أذكر في بداية التدريس مناقشة حول تصحيح الدرجات ومراجعتها وما ينبغي التحرز منه ومنه الغش، فقالت زميلة: "الإنسان أحياناً يكون يائس لدرجة يسوي أول خطأ يخطر بباله. هو مو سيء، هو يائس، بسلوك واحد سيء." بغض النظر عن فلسفة هذه العبارة -تستحق التوقف عندها- إلا أني أستحضرها كل فترة وأخرى، عيب واحد، عيبان، ثلاثة وعدّ إلى ما شئت، من العيوب ما هو كمال إنساني، ألم نبتكر الفوضى الخلاقة D:؟

سلسة في العيب

بعض العيوب مُستملحة، يعني لا يكفيها أنها متسقة مع الطبيعة الإنسانية، تناول بعضها د. محمد العبيداء هنا ، والدكتور دقيق في وصفه وحذر.

جُزاف القراءة

الاقتراح هذه المرة لكتاب أجنبي، وردت فيه عبارة "Successful people quit!" أي الناجحون يتوقفون في نقطة ما، دائماً ما أتذكره حين الحديث عن السلم الوظيفي أو الأدوار الاجتماعية، كتاب تُرجم إلى "المنخفض" و "المنحدر" ولا أحبّذ الترجمة طالما يمكن قراءته بلغته الأصل. كتاب " The Dip" لكاتبه Seth Godin، أرى قراءته مهمة أياً كانت مرحلتك لنعلم أنه ليس عيباً الاعتراف بالقصور أو التغيير، إنما المضيّ (عيب عن سبق إصرار وترصد p:) رغم كل المؤشرات لنفق مغلق.

هذا،

وفتك بعافية

آراك

نشرة جُزاف | مجازفة الكتابة أسبوعياً

تصلك هذه الرسالة لاشتراكك في نشرة جُزاف

Arak | جُزاف

أكتب لك بالرغم من جائحة كوفيد19 منذ رجب 1441 | مارس 2020 كل جمعة | (أيام الكورونا سابقاً)

Read more from Arak | جُزاف

مرحباً، أرجو أنّك بخير. رقم هذا الرسالة "113"، ولطالما كان رقم نحس في كثير من الثقافات. نحاسته أحياناً لسبب تاريخي، أو ديني أو حتى بسبب حدث مُعاصر. كأن لديهم استعداد نفسي للوم شيء = أن تُسقط عليه البلوى. بينما بحثت عن هذه الرقم، لفتني أنّه نحسٌ عند الثقافات، إنما محوري أو مهم في بعض العلوم. بحثي قاصر، لكن ما وجدته عجيب. يمكنك التعجّب مثلي لو بحثت : ) انتبهت بالأعوام الأخيرة إلى أن هناك مسافة بين علم الإنسان وما تحملُه نفسه، يظهر ذلك لي في التعامل مع ما يعتري النفس من مشاعر سِلبية بلا سبب واضح...

مرحباً، أرجو أنّك بخير، هدوء الليلة غريب، لكن أعتقد أنّي ارجهنّيت بعد شهرٍ تقريباً من الجري، أرجو أن لا أنظر ورائي وأُراني أجري على السير. قبل عام تقريباً كتبت لك دقيقة .. والآن أخبرك أنّي وجدت ثمرتها فعلاً، وتغيّرت بعض العادات أو تحسّنت أو عادت لعهدها، وبعض السيء ما زال على حلّه سيئاً، المهم أنّه لم يزدد سوءاً (كنت سأكتب: يسُوء لكن حيّرتني الهمزة مع الفعل المجزوم .. لكن لم أسمع بها، أو سمعت ونسيت، هل سمعت بها؟)، المهم في ذلك كلّه أنّي استطعت وضع يدي على أسباب بعض الجيد منها وغير الجيد، كفاية...

مرحباً، أرجو أنك بخير، وإن كنت في الرياض فأمطار الربيع تُنعشك. يُسمي أحدهم الرياض "العاصمة"، ويؤكد عليها في كل خبر عنها، هل يفهم مُتابعوه أنه لو لم يقل العاصمة لظنوه يقصد المنطقة كلها؟ لا أظن ذلك، لكن هذه الكلمة تُعبر عن شيء من نسيجه الاجتماعي وخلفيته المعرفية ورّبما عمره، أي والله لهذي الدرجة. كلمة واحدة تحكي عنك الكثير. الكلمات مجرّدة من سياقاتها في القواميس والمعاجم فقط، "دلّة / ترمس / ثلاجة " كلها أسماء للأداة التي تحفظ القهوة العربية، لكن مجرد ما ينطق بها الفرد ستُخمّن نسيجه الاجتماعي...