profile

Arak | جُزاف

جُزاف 96 | إبهام

Published over 1 year ago • 1 min read

مرحباً،

أرجو أنك بأفضل حال.

أفكّر أحياناً لو أنقل موعد جزاف للسبت لأتلافى تأخير الجمعة، لكن هذا سيجعلها تتأخر إلى الأحد. قرأت مرّة عن هذا النوع من المواعيد، لعلي أشاركها لاحقاً.

--- تحذير: ستؤلمك الفقرات التالية على الأغلب ----

طرأت لي منذ فترة رغبة قديمة في تعلم استخدام اليد اليُسرى بفاعلية في حال أُصيبت اليمنى، مردّ ذلك قصّة لكاتب ضاق ذرعاً بإصابة يده ومساعده لا يعينه على تسجيل سيل أفكاره حتى تعلّم الكتابة باليد الأخرى، حين تعافى لاحقاً صار يكتب بإحدى اليدين حتى تتعب، فيبّدل بالأخرى، وهكذا.

لم أحقق رغبتي طبعاً، لكن حصل ما أرغمني على تمني أن لو فعلتها!

كنت على عجلة من أمري، سحبت مقبض الباب بسرعة لإغلاقه، ولأني لا أريده أن يضرب بقوة خففت حركته بيدي لكن كان أسرع فانزلق إبهامي بين الباب والمفصل .. فسمعت كسر الخشب.

التف إصبعي، رأيت قمته تشيح بوجهها للجهة الأخرى، فعدّلته .. لا أعرف ما الفكرة بالضبط، لكن ربما لأتأكد من أنه لو كُسر لانفصلت العظمتين وتدلّى البنان.

عليّ أن لا أجزع، وبقي لي عملان لأنجزهما .. أنجزتهما ببطء مع حذر شديد في استخدام الإبهام، فتذكرت صديقة تُشبّه أباها بالإبهام لإخوته:

[ لا تفيد الأصابع بشيء لو فقدت اليد الإبهام؛ الإبهام هو ما تتكئ عليه الأصابع واليد. جرّب أن تتوكّأ على السبابة؛ لن تصمد. ولا تحدّثني عن البنصر أو الخنصر. الإبهام هو السند الحقيقي.] *

كنت أراقبه منتظرةً تورّمه، أصوره كل دقيقة حتى أذهب للمستشفى، عيادات الحي غالباً ما تستهين بالحوادث المنزلية، لم يتورّم كما تصوّرت لكن قرأت أمس عمّن كُسرت يده ولم يعلم إلا بعد يومين. لم أسمع كسر عظم، لكن ردّت نفسي "ربما أخفى صوته كسر الخشب، وربما أصلاً انقطعت الغضاريف فلا صوت."

في طريقي للمشفى ولمّا تظهر بعد علامات الكسر كتبتُ أبحث عن علامات أخرى "ما اسم الإبهام بالإنجليزي؟ بيق فينقر؟" .. لم أنسَ الاسم، نسيت أنّي أعرفه أصلاً! حتى لما وجدت أنه thumb قلت آهاا. لا أعرف لو كان الأمر كذلك عند غيري، لكنّي "رُعبت" من فكرة أنّك تنسى أصلاً أنك تعرف!

خيّرني الاستقبال بين الطوارئ وبين الدخول العادي، ذهبت للطوارئ لعلّ الفحص أسرع .. لكنه أمارَات سير العمل فيه بانت من استقباله: موظف يستقبل الحالات الطارئة والآخر يُحيل عليه بينما يَرقب طول الطابور، إحدى الواقفات سيّدة تحتاج أكسجين .. حتى انفعل الأوّل عليه.

عُدت للاستقبال الأوّل: طبيب عربي مزدحم وغير عربي ليس عنده أحد، شجّعتني الموظفة على العربي، سألت ما الميزة؟ -كل ما أريده أن أتأكد إصبعي مكسور أو لا - قالت: لا أعرف لكن الأكثرية تحجز عنده، والآخر لا يعرف عربي جيّداً. ذهبت لغيرالعربي ووجدت الممرضة سعودية لإعانته مع المرضى. يعني لم يكن من بأس في التواصل.

"-ما القصة؟

-أغلقت على إصبعي الباب وحصل كذا وكذا.

-هل الباب بخير؟

-سمعت صوت كسر، لكن يبدو بسيط وأمكن إغلاقه.

-جيّد، أين الألم تحديداً؟ "

ضحكت عدة مرات كلما تذكرت هذا الحوار بعد عودتي للمنزل، أعجبتني هذه النكتة السخيفة، لم يكن الدكتور سخيفاً .. هذه وسيلة لطيفة لتخفيف توتّر المراجع بلفته عن موضوع ألِمه.

بالرغم من أنّ الإصابة كانت على الإبهام، إلا أنّه صعُب علي تحريك السبابة والمنطقة بينه والإبهام (اسمها الرانفة thenar space.) ، مما أغضب الأستاذة أخصائية الأشعة. أما سمِعت بتأثر المناطق المجاورة للألم! أتصوّر أن غضبها لما تبيّن لها أنّه ما من كسر ولله الحمد. إنما قطع بسيط هو الذي تسبب بانثناءة الإصبع كما رأيت فحُمي بذلك من الكسر. القطع موجود منذ فترة طويلة - لم أعلم به، ظننت الألم ألم عضلات بسبب نمط الحياة- وزاد قليلاً بهذه الإصابة، مما يستلزم ارتداء كفّ طبّي لفترة وتخفيف استخدامها.

تصحيح، اختبارات، شرح، رصد، أمور أخرى .. الصحة أولاً، فرتبت الأولويات وما يمكنه الانتظار، لم أستطع الكتابة بالجوال مما حدّ من الرد الرسائل البريدية، لم أرضَ عن المحاضرة الأولى، ساعتين متصلتين، رغم توزيع الجهد حتى حين هدأت نهايتها أدركت ألماً لا أظن أني سأتحمله لو كان لدي محاضرة ثانية، بالكاد حملت أشيائي. حين وصلت البيت وقرأت الوصفة مرة أخرى وجدت أن المسكّن يؤخذ مرتين، صباحاً ومساءً .. جربت الحياة بدونه على الأقل p:

رغم أنّه خفف الألم، واستطعتُ النوم عميقاً إلا أنّه تسبب بحساسية تشبه ما كتبت لك عنه سابقاً هنا **

تابعت فترة حساب فتاة كورية مهتمة باليوميات، في فترة لاحظت بروز دفاتر مربّعات ضمن "دفاتر اليوميات Daily journaling " ظننتُ وجودها لمتابعة الإنتاجية، .. كانت الأوراق مقسمة على الأيام، وكل يوم مقسّم لفترات، وكل فترة ملوّنة بلون. كانت تتابع درجات الحرارة، لاحظت من يتفاعل معها وأنه يفعل مثلها وأن مربعاته حمراء أو زرقاء أكثر .. لم أفهم حتى سألتها؛ لديها ألم مُزمن يتأثر بدرجة الحرارة، فهي تتابعها وتقيس ألمها، لتتمكن من إدارته .. لأفهم أنّ دفاتر المربعات هي -عند أكثر المشاركين يومياتهم- لتتبع أعراض معيّنة.. سبحانك ربّي، تبتلي الإنسان وتعلّمه!

لكل منّا تجربته الخاصة مع الألم، والآلام لا تتشابه .. أُدرِك ذلك، لكن آخر ما أرغب برؤيته هو تساقط أحدهم بسبب الألم، كما لا أحب له أن يكون ألمه مطيّته لِما يروم.

أطمئنك أني بخير الحمد لله، رتم الأيام صار أبطأ صحيح .. لكن لا أحد يموت من ذلك؛ ستظل الشمس تشرق وتغيب، والأرض تدور، والناس يسعون، والأطفال تضحك : ) ***

جُزاف القراءة

يتحتّم عليّ أن أوُصيك بقراءة "هبة الألم" ، إن أردت فهم الألم وكيف تعاملت معه المجتمعات البدائية والمتقدّمة، وما يصدق فيه وما يُكذب .. وحتى إدارة ألمك الخاص، الذهني أو الجسدي أو النفسي. هناك عدة مراجعات للكتاب وهذه آخرها ربما يكفيك الاطلاع على أحدها وإن كنتُ أفضّل القراءة المُباشرة.

*أذكر الفكرة وبعض الكلمات، لذلك وضعتها بين معكوفتين [].

** حين كانت جُزاف رسائل الكورونا تصل على البريد مُباشرة دون موقع وسيط.

*** لو استشعرت الألم الذي وصفتُه، فلربما لديك "تمّاس حواسّ" !

هذا،

وفتّك بعافية

آراك ..

استدراك: أُبشرك أنّ أحفاد الجيران عادوا إلى الساحة وإن بصخبٍ أقل D:

تصلك هذه الرسالة لاشتراكك في نشرة جُزاف | مجازفة الكتابة أسبوعياً

Arak | جُزاف

Arak

أكتب لك بالرغم من جائحة كوفيد19 منذ رجب 1441 | مارس 2020 كل جمعة | (أيام الكورونا سابقاً)

Read more from Arak | جُزاف

مرحباً، أرجو أنّك بخير. رقم هذا الرسالة "113"، ولطالما كان رقم نحس في كثير من الثقافات. نحاسته أحياناً لسبب تاريخي، أو ديني أو حتى بسبب حدث مُعاصر. كأن لديهم استعداد نفسي للوم شيء = أن تُسقط عليه البلوى. بينما بحثت عن هذه الرقم، لفتني أنّه نحسٌ عند الثقافات، إنما محوري أو مهم في بعض العلوم. بحثي قاصر، لكن ما وجدته عجيب. يمكنك التعجّب مثلي لو بحثت : ) انتبهت بالأعوام الأخيرة إلى أن هناك مسافة بين علم الإنسان وما تحملُه نفسه، يظهر ذلك لي في التعامل مع ما يعتري النفس من مشاعر سِلبية بلا سبب واضح...

11 months ago • 1 min read

مرحباً، أرجو أنّك بخير، هدوء الليلة غريب، لكن أعتقد أنّي ارجهنّيت بعد شهرٍ تقريباً من الجري، أرجو أن لا أنظر ورائي وأُراني أجري على السير. قبل عام تقريباً كتبت لك دقيقة .. والآن أخبرك أنّي وجدت ثمرتها فعلاً، وتغيّرت بعض العادات أو تحسّنت أو عادت لعهدها، وبعض السيء ما زال على حلّه سيئاً، المهم أنّه لم يزدد سوءاً (كنت سأكتب: يسُوء لكن حيّرتني الهمزة مع الفعل المجزوم .. لكن لم أسمع بها، أو سمعت ونسيت، هل سمعت بها؟)، المهم في ذلك كلّه أنّي استطعت وضع يدي على أسباب بعض الجيد منها وغير الجيد، كفاية...

11 months ago • 1 min read

مرحباً، أرجو أنك بخير، وإن كنت في الرياض فأمطار الربيع تُنعشك. يُسمي أحدهم الرياض "العاصمة"، ويؤكد عليها في كل خبر عنها، هل يفهم مُتابعوه أنه لو لم يقل العاصمة لظنوه يقصد المنطقة كلها؟ لا أظن ذلك، لكن هذه الكلمة تُعبر عن شيء من نسيجه الاجتماعي وخلفيته المعرفية ورّبما عمره، أي والله لهذي الدرجة. كلمة واحدة تحكي عنك الكثير. الكلمات مجرّدة من سياقاتها في القواميس والمعاجم فقط، "دلّة / ترمس / ثلاجة " كلها أسماء للأداة التي تحفظ القهوة العربية، لكن مجرد ما ينطق بها الفرد ستُخمّن نسيجه الاجتماعي...

about 1 year ago • 1 min read
Share this post